مراجع دليل اجتماع الخدمة والحياة المسيحية
١-٧ ايار (مايو)
كنوز من كلمة اللّٰه | ارميا ٣٢–٣٤
«علامة تؤكد ردَّ الاسرائيليين»
بص
«عناثوث» رقم ٣
كان ارميا من عناثوث، ولكنه صار ‹نبيا لا كرامة له› بين شعبه الذين هددوا بقتله لأنه يتكلم برسالة يهوه الحقة. (ار ١:١؛ ١١:٢١-٢٣؛ ٢٩:٢٧) ونتيجة لذلك تنبأ يهوه بأن البلية ستحل على المدينة، وقد حدث هذا الامر في الوقت المعين عندما اجتاحت بابل الارض. (ار ١١:٢١-٢٣) وقبل سقوط اورشليم، مارس ارميا حقه الشرعي في شراء ارض ابن عمه في عناثوث، وكان ذلك علامة بأنه سيكون هنالك رد من السبي. (ار ٣٢:٧-٩) ومن بين المجموعة الاولى التي عادت مع زربابل من السبي كان هناك ١٢٨ رجلا من عناثوث، كما انها ذُكرت بين البلدات التي سُكنت من جديد، وهذا ما تمم نبوة ارميا. — عز ٢:٢٣؛ نح ٧:٢٧؛ ١١:٣٢.
نقاط بارزة من سفر ارميا
٣٢:١٠-١٥ — ماذا كان الهدف من صنع نسختين من صك الشراء نفسه؟ صُنعت النسخة المفتوحة لمراجعتها كلما دعت الحاجة. وكان الصك المختوم نسخة احتياطية تثبت صحة النسخة المفتوحة اذا لزم الامر. وعلى غرار ارميا، يحسن بنا اليوم ان نتّبع الى الحد المعقول الاجراءات القانونية حتى لو كنا نتعامل مع الاقرباء او الرفقاء المؤمنين.
«أليست هذه معرفتي؟»
٢٢ هل تقتدي بيهوه اذا ضايقك احد بكلام فظ او تصرف طائش؟ حين اخطأ اليهود قديما الى اللّٰه، قال انه ‹سيطهّر› الذين صفح عن معاصيهم. (اقرأ ارميا ٣٣:٨.) وهو يطهّرهم بمعنى انه يطوي صفحة الماضي مانحا التائبين بداية جديدة في خدمته. طبعا، لا يعني نيل غفران اللّٰه ان المرء يتطهّر من النقص الموروث ويصير بالتالي كاملا بلا خطية. لكننا نتعلم درسا مما قاله اللّٰه عن تطهير البشر: لنسعَ الى التغاضي عن الخطإ او الاساءة التي ارتكبها شخص بحقنا، ما يعني مجازيا ان نطهّر صورته في قلبنا. فكيف ذلك؟
٢٣ لنفرض ان احدا اهدى اليك تحفة نفيسة. فهل تسارع الى رميها اذا اتسخت او تلطخت بالبقع؟ على الارجح لا. فأغلب الظن انك ستنكبّ على تنظيفها من الاوساخ محاولا ازالة البقع ايضا. فأنت تريد استرجاع جمالها وروعتها. تطبيقا لهذا المثل، ابذل جهدك في التخلص من اي ضغينة او انزعاج تشعر به حيال الذي اساء اليك. حارب الميل الى التفكير مطولا في الكلمات او التصرفات المؤلمة. وفيما تنجح في نسيانها، تُطهّر صورة الشخص في قلبك وما لك معه من ذكريات. وحين يصبح قلبك نظيفا من الافكار السلبية تجاهه، لن تتردد في احياء صداقتكما الحميمة التي بدا انها ضاعت الى الابد.
البحث عن جواهر روحية
العهد الجديد يعود عليك بالبركات
١٠ وصف ارميا الشخص الآتي، اي المسيّا، بأنه ‹فرخ› أُقيم لداود. وهذا الوصف في محله. صحيح ان شجرة عائلة داود الملكية قُطعت فيما كان ارميا يخدم نبيا، الا ان ارومتها بقيت. فمع الوقت، وُلد يسوع في سلالة داود. ودُعي «يهوه برنا»، ما يبرز اهتمام يهوه العميق بهذه الصفة. (اقرأ ارميا ٢٣:٥، ٦.) فهو سمح لابنه مولوده الوحيد ان يقاسي الالم على الارض ويموت. ثم استخدم، بانسجام مع بره وعدله، قيمة الذبيحة الفدائية ‹لفرخ› داود هذا كأساس للغفران. (ار ٣٣:١٥) وهكذا فسح المجال للبعض ان ‹يتبرروا للحياة› ويُمسحوا بالروح القدس ويصيروا بالتالي طرفا في العهد الجديد. ولكن ثمة دليل اضافي يبرهن اهتمام اللّٰه بالبر. فقد سمح لآخرين ايضا ليسوا طرفا مباشرا في العهد ان يتمتعوا بفوائده وبركاته كما سنرى في بقية الفصل. — رو ٥:١٨.
نقاط بارزة من سفر ارميا
٣٣:٢٣، ٢٤ — مَن هما ‹العشيرتان› المذكورتان هنا؟ العشيرة الاولى هي العائلة المالكة من سلالة الملك داود، والثانية عشيرة الكهنة المتحدرين من هارون. فعند دمار اورشليم والهيكل، بدا ان يهوه رفض هاتين العشيرتين وأنه لن تكون له مملكة على الارض ولن يحيي عبادته مجددا.
٨-١٤ ايار (مايو)
كنوز من كلمة اللّٰه | ارميا ٣٥–٣٨
«عبد ملك مثال في الشجاعة واللطف»
بص
«صدقيا» رقم ٤، العنوان الفرعي «يتمرد على نبوخذنصر» ف ٦
يستدل على ان صدقيا كان حاكما ضعيفا جدا مما حدث حين طلب الرؤساء لاحقا قتل ارميا، لأنه حسب زعمهم يضعف معنويات الشعب المحاصَر. فقد قال صدقيا: «ها هو في ايديكم. فما من شيء يستطيع الملك ان يقوى فيه عليكم». لكنه وافق في ما بعد على طلب عبد ملك ان ينقذ ارميا، وأمره بأخذ ٣٠ رجلا معه بغية مساعدته في هذه المهمة. في وقت لاحق، اجتمع صدقيا مجددا بإرميا وتبادل معه حديثا سريا اكد له خلاله انه لن يقتله او يسلمه الى ايدي الذين يطلبون موته. غير ان صدقيا خاف ان يثأر منه اليهود الذين هربوا الى الكلدانيين، لذلك لم يصغ الى نصيحة ارميا الموحى بها بالاستسلام لرؤساء بابل. وقد اعرب ايضا عن خوفه حين طلب من ارميا ألا يخبر الرؤساء المرتابين عن موضوع حديثهما السري. — ار ٣٨:١-٢٨.
اله يكافئ خدامه
كان عبد ملك يشغل مركزا مرموقا في بلاط صدقيا ملك يهوذا. ومع انه كان محاطا برؤساء يهوذا الاشرار، برهن انه يخاف اللّٰه ويحترم ارميا احتراما عميقا. فحين ارسل اللّٰه ارميا ليحذِّر هذه الامة الخائنة من دمارها الوشيك، اتهم الرؤساء هذا النبي بالتحريض على الفتنة. ثم رموه في جب الوحل وتركوه معلقا بين الحياة والموت. (ارميا ٣٨:٤-٦) وهنا وُضعت صفات عبد ملك على المحك. فهل كان سيسمح للخوف بأن يسيطر عليه؟
كلا على الاطلاق، فقد طرد هذا الرجل التقي الخوف خارجا ولم يأبه لثأر الرؤساء. فذهب الى الملك صدقيا وواجهه بكل شجاعة وحزم محتجا على المعاملة الجائرة التي تعرَّض لها ارميا. ثم اشار كما يظهر الى الرؤساء الظلّام وقال: «قد اساء هؤلاء الرجال في كل ما فعلوا بإرميا». (ارميا ٣٨:٩) وهكذا نجح في اقناع صدقيا، وأخذ بأمر منه ٣٠ رجلا لإنقاذ ارميا.
اله يكافئ خدامه
ثم قام عبد ملك بعمل اعرب من خلاله عن صفة جميلة اخرى، وهي اللطف. فأخذ «ثيابا رثّة وخِرَقا بالية ودلّاها الى ارميا . . . بحبال». وما الغرض من ذلك؟ لقد اراد ان يجنِّب ارميا الالم الناجم عن احتكاك الحبال بجسمه اثناء انتشاله من جب الوحل. — ارميا ٣٨:١١-١٣.
البحث عن جواهر روحية
بص
«الركابيون»
سرّ يهوه بطاعتهم المتسمة بالاحترام التي اعربوا عنها. فطاعتهم ابا ارضيا بثبات تباينت تباينا صارخا مع عدم طاعة بني يهوذا لخالقهم. (ار ٣٥:١٢-١٦) وقد قطع يهوه للركابيين وعدا بمكافئتهم قائلا: «لا ينقطع ليوناداب بن ركاب رجل يقف امامي كل الايام». — ار ٣٥:١٩.
استمروا في السير مع اللّٰه!
١٦ يخبرنا يهوه بمحبة عن الراحة التي سنتمتع بها في ظل الملكوت المسيَّاني. (مزمور ٧٢:١-٤، ١٦؛ اشعياء ٢٥:٧، ٨) وهو يساعدنا ايضا على مواجهة ضغوط الحياة الآن بإعطائنا مشورة تتعلق بكيفية ابقاء اولوياتنا في مكانها الصحيح. (متى ٤:٤؛ ٦:٢٥-٣٤) ويطمئننا يهوه بواسطة السجل عن مساعدته خدامه في الماضي. (ارميا ٣٧:٢١؛ يعقوب ٥:١١) وهو يقوينا بالمعرفة ان محبته لخدامه الاولياء تظل كما هي مهما اتى علينا من شدائد. (رومية ٨:٣٥-٣٩) فيهوه يعلن للذين يولونه ثقتهم: «لا اهملك ولا اتركك». — عبرانيين ١٣:٥.
١٧ وهذه المعرفة تقوي المسيحيين الحقيقيين على الاستمرار في السير مع اللّٰه بدلا من الاتجاه الى الطرق العالمية. وإحدى الفلسفات العالمية الشائعة بين الفقراء في بلدان عديدة هي ان الأخذ من شخص لديه الكثير لإطعام عائلتكم ليس بسرقة. لكنَّ الذين يسلكون بالايمان يرفضون هذه النظرة. فرضى اللّٰه في نظرهم اهم من ايّ شيء آخر وهم يتطلعون اليه من اجل المكافأة على استقامتهم. (امثال ٣٠:٨، ٩؛ ١ كورنثوس ١٠:١٣؛ عبرانيين ١٣:١٨، عج) وجدت ارملة في الهند ان استعدادها للعمل وحسن تدبيرها ساعداها على مواجهة حالتها. وبدلا من الاستياء من وضعها في الحياة، كانت تدرك ان يهوه سيبارك جهودها للحصول على ضرورات الحياة لها ولابنها اذا وضعت مصالح ملكوت اللّٰه وبرّه اولا في حياتها. (متى ٦:٣٣، ٣٤) ويبرهن آلاف الاشخاص حول الارض ان يهوه هو ملجأهم وحصنهم مهما ألمَّ بهم من شدائد. (مزمور ٩١:٢) فهل تفعلون انتم الامر عينه؟
اوقات افضل تكمن امامنا
وفي وقت لاحق، عندما حاصر ملك بابل اورشليم المرتدة، كان على الشعب ان ‹يأكل الخبز بالوزن وبالغمّ.› (حزقيال ٤:١٦) وأصبح الوضع لا يطاق الى حد ان بعض النساء اكلن لحم اطفالهن. (مراثي ارميا ٢:٢٠) ولكن، مع ان النبي ارميا كان في السجن بسبب كرازته، حرص يهوه ان «يُعطى رغيف خبز [لأرميا] كل يوم من سوق الخبازين حتى ينفد كل الخبز من المدينة.» — ارميا ٣٧:٢١.
فهل نسي يهوه ارميا عندما نفد مخزون الخبز؟ من الواضح انه لم ينسَ، لأنه عندما سقطت المدينة في ايدي البابليين، أُعطي ارميا ‹زادا وهدية وأُطلق.› — ارميا ٤٠:٥، ٦؛ انظروا ايضا مزمور ٣٧:٢٥.
١٥-٢١ ايار (مايو)
كنوز من كلمة اللّٰه | ارميا ٣٩–٤٣
«يهوه يجازي كل واحد حسب اعماله»
بص
«صدقيا» رقم ٤، العنوان الفرعي «سقوط اورشليم»
سقوط اورشليم: اخيرا (٦٠٧ قم)، «وفي السنة الحادية عشرة لصدقيا، في الشهر الرابع، في التاسع من الشهر»، اختُرقت اورشليم. فهرب صدقيا ورجال الحرب تحت جنح الليل. وبعدما أُدرك صدقيا في سهوب اريحا، أُخذ الى نبوخذنصر في ربلة. وذُبح ابناؤه امام عينيه. وبما ان صدقيا لم يكن يبلغ من العمر آنذاك سوى ٣٢ سنة تقريبا، فهذا يدل ان الصبيان لم يكونوا كبارا في السن. وبعدما شهد صدقيا موت ابنائه، أُعميت عيناه وقُيد بسلاسل من نحاس، ثم أُخذ الى بابل حيث مات في بيت الحبس. — ٢ مل ٢٥:٢-٧؛ ار ٣٩:٢-٧؛ ٤٤:٣٠؛ ٥٢:٦-١١؛ قارن ار ٢٤:٨-١٠؛ حز ١٢:١١-١٦؛ ٢١:٢٥-٢٧.
اله يكافئ خدامه
قدَّر يهوه مبادرة عبد ملك. فأخبره بلسان ارميا ان دمار يهوذا وشيك، ثم اكَّد له خمس مرات متتالية انه سينقذه. قال: «اني انقذك . . . لا تُسلَم الى ايدي الناس . . . انجِّيك نجاة . . . لا تسقط بالسيف . . . تكون لك نفسك غنيمة». وقد ذكر له ايضا سبب هذا الوعد قائلا: «لأنك اتكلت علي». (ارميا ٣٩:١٦-١٨) فعبد ملك لم يهتم لأمر ارميا فحسب بل اتكل على اللّٰه وآمن به، ولهذا السبب انقذ نبيه من الموت. ويهوه اللّٰه عرف ذلك تمام المعرفة.
بص
«نبوزرادان»
بأمر من نبوخذنصر، اطلق نبوزرادان سراح ارميا وتكلم معه بلطف. كما تركه يختار ما يود فعله، وعرض عليه ان يهتم به، وأعطاه زادا. وقد كان نبوزرادان ايضا الناطق بلسان ملك بابل في مسألة تعيين جدليا حاكما على الباقين من الشعب. (٢ مل ٢٥:٢٢؛ ار ٣٩:١١-١٤؛ ٤٠:١-٧؛ ٤١:١٠) وبعد نحو خمس سنوات، سنة ٦٠٢ قم، اخذ نبوزرادان الى السبي يهودا آخرين كانوا قد هربوا على ما يبدو الى المناطق المحيطة. — ار ٥٢:٣٠.
البحث عن جواهر روحية
هل تسأل: «اين هو الرب»؟
١٠ بعد دمار اورشليم وسبي الجيش البابلي لليهود، همَّ يوحنان بأخذ المجموعة الصغيرة من اليهود التي بقيت في يهوذا الى مصر. فقاموا بكل التحضيرات ولكنهم طلبوا من ارميا قبل رحيلهم ان يصلّي الى يهوه باسمهم ويطلب توجيهه. ولمّا لم ينالوا الجواب الذي ارادوه، فعلوا ما كانوا يخططون له. (ارميا ٤١:١٦–٤٣:٧) فهل يمكنك ان تستمد من الاحداث الآنفة الذكر دروسا تستفيد منها لكي يدعك يهوه تجده حين تلتمس وجهه؟
بص
«التواريخ البارزة»
لقد ضُرب الحصار الاخير على اورشليم في السنة الـ ٩ من حكم صدقيا (٦٠٩ قم). وسقطت المدينة في السنة الـ ١١ من حكمه (٦٠٧ قم)، التي تقابل السنة الـ ١٩ من حكم نبوخذنصر الفعلي (حسابا من سنة ٦٢٥ قم حين اعتلى العرش). (٢ مل ٢٥:١-٨) ففي الشهر الخامس من سنة ٦٠٧ قم (شهر آب الذي يوافق اليوم جزءا من تموز [يوليو] وآب [اغسطس])، أُحرقت المدينة، قُوِّضت اسوارها، وأُخذت اغلبية الشعب الى السبي. ولكن سُمح لعدد «من مساكين الارض» ان يبقوا في المدينة. فظلوا هناك الى ان اغتيل جدليا المعيَّن من قبل نبوخذنصر. عندئذ، هربوا الى مصر تاركين يهوذا خربة تماما. (٢ مل ٢٥:٩-١٢، ٢٢-٢٦) وقد حصل ذلك في الشهر السابع، إيثانيم (او تِشري الذي يوافق اليوم جزءا من ايلول [سبتمبر] وتشرين الاول [اكتوبر]). وهكذا، لا بد ان فترة السبعين سنة من الخراب بدأت حوالي ١ تشرين الاول (اكتوبر) سنة ٦٠٧ قم وانتهت سنة ٥٣٧ قم. فبحلول الشهر السابع من سنة ٥٣٧ قم، وصل اول اليهود العائدين الى يهوذا، اي بعد ٧٠ سنة من بداية خراب يهوذا التام. — ٢ اخ ٣٦:٢١-٢٣؛ عز ٣:١.
٢٢-٢٨ ايار (مايو)
كنوز من كلمة اللّٰه | ارميا ٤٤–٤٨
« ‹لا تطلب لك عظائم بعد› »
لا «تطلب لك عظائم»
٤ لعلّ الشهرة والجاه كانا من العظائم التي استأثرت باهتمام باروخ. صحيح انه خدم كاتبا لدى ارميا، ولكن يبدو انه لم يشغل هذه الوظيفة عند النبي فقط. ففي ارميا ٣٦:٣٢ يقال انه «كاتب الديوان». وتشير الادلة الاثرية ان هذا اللقب أُعطي للرسميين الرفيعي المستوى في البلاط الملكي. وفي الواقع، حمل اللقب عينه «أليشاماع» الذي ذُكر اسمه بين رؤساء يهوذا. وهذا يدل ان باروخ بصفته زميلا لأليشاماع مُنح ايضا حق الدخول الى «غرفة طعام كاتب الديوان» في «بيت الملك». (ار ٣٦:١١، ١٢، ١٤) فلا بد اذًا انه كان رسميا مثقفا في البلاط الملكي. اضف الى ذلك ان اخاه سرايا شغل مركز ضابط التموين لدى الملك صدقيا ورافقه في رحلة مهمة الى بابل. (اقرأ ارميا ٥١:٥٩.) وبحكم هذه الوظيفة، يُرجح ان سرايا تولى مسؤولية تأمين المؤن والمنامة للملك خلال اسفاره، وهي وظيفة مرموقة دون شك.
٥ من هنا نفهم لمَ قد يستحوذ الاعياء والتثبط على شخص بمكانة باروخ الرفيعة فيما اخذ يخطّ رسائل الدينونة ضد يهوذا الواحدة تلو الاخرى. ويُحتمل ايضا ان دعمه نبي اللّٰه عرّض مركزه وعمله للخطر. فكّر كذلك في ما كان سيحدث حين يهدم يهوه ما بناه، حسبما نقرأ في ارميا ٤٥:٤. ‹فالعظائم› التي طمح اليها باروخ، أكانت الحصول على المزيد من الامتيازات في البلاط الملكي ام السعي وراء الازدهار المادي، كلها كانت ستتبخر في الهواء. اذًا في حال كان هذا الكاتب يطلب مركزا آمنا في النظام اليهودي الفاني آنذاك، امتلك يهوه سببا وجيها ليكبت ميله هذا.
٦ من جهة اخرى، لربما شملت ‹العظائم› التي طلبها باروخ الرغبة في العيش حياة رغيدة. فالامم المحيطة بيهوذا اعتمدت الى حد بعيد على ممتلكاتها وثرواتها. فقد اتكلت موآب على ‹اعمالها وكنوزها›، وكذلك عمون. كما قال ارميا بوحي من يهوه ان بابل كانت «وافرة الكنوز». (ار ٤٨:١، ٧؛ ٤٩:١، ٤؛ ٥١:١، ١٣) لكنّ الحقيقة هي ان اللّٰه اصدر دينونته على هذه الامم.
لا «تطلب لك عظائم»
٢ تأوّه باروخ: «ويل لي؛ لأن يهوه قد زاد حزنا على وجعي! قد اعيَيت من تنهدي». انت ايضا لا بد انك تئنّ احيانا من الاعياء، إما بصوت مسموع او في قلبك. وأيًّا كانت الطريقة التي أنّ بها باروخ، سمع يهوه تنهداته. ففاحص قلوب البشر عرف ما وراء اضطرابه، فقوّمه بلطف بواسطة ارميا. (اقرأ ارميا ٤٥:١-٥.) ولكن ربما تتساءل لمَ شعر باروخ بكل هذا الاعياء. أبسبب تعيينه ام لأن ظروفا صعبة احاطت بإنجاز هذا التعيين؟ لا هذا ولا ذاك. لقد كان قلبه اصل المشكلة. فهذا الكاتب ‹طلب لنفسه عظائم›. فماذا كانت هذه العظائم؟ اي وعد ناله من يهوه إن هو قبِل مشورته وإرشاده؟ وماذا نتعلم من تجربته؟
اطلب الملكوت، لا الممتلكات
٦ لِنَأْخُذْ مِثَالَ بَارُوخَ، كَاتِبِ ٱلنَّبِيِّ إِرْمِيَا. فَمَعَ ٱقْتِرَابِ دَمَارِ أُورُشَلِيمَ، بَدَأَ ‹يَطْلُبُ عَظَائِمَ› لِنَفْسِهِ. لٰكِنَّهُ مَا كَانَ يَجِبُ أَنْ يَرْجُوَ إِلَّا مَا وَعَدَهُ بِهِ يَهْوَهُ: أَنْ يُعْطِيَهُ نَفْسَهُ، أَيْ حَيَاتَهُ، غَنِيمَةً. (ار ٤٥:١-٥) فَيَهْوَهُ لَمْ يَكُنْ لِيَحْفَظَ مُمْتَلَكَاتِ أَحَدٍ فِي مَدِينَةٍ مَصِيرُهَا ٱلدَّمَارُ. (ار ٢٠:٥) وَفِيمَا نَقْتَرِبُ مِنْ نِهَايَةِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ هٰذَا، لَيْسَ ٱلْوَقْتُ ٱلْآنَ لِنُكَدِّسَ ٱلْمُمْتَلَكَاتِ. فَلَا يَجِبُ أَنْ نَتَوَقَّعَ أَنْ نَعْبُرَ ٱلضِّيقَ ٱلْعَظِيمَ مَعَ مُمْتَلَكَاتِنَا، مَهْمَا كَانَتْ عَزِيزَةً عَلَيْنَا. — ام ١١:٤؛ مت ٢٤:٢١، ٢٢؛ لو ١٢:١٥.
البحث عن جواهر روحية
بص
«كموش»
حين تنبأ النبي ارميا عن البلية التي كانت ستحل بموآب، ذكر ان كبير آلهتها كموش سيؤخذ الى السبي مع كهنته ورؤسائه. وسيخجل الموآبيون بإلههم الذي تبيَّن انه عاجز ولا قدرة له، مثلما خجل الاسرائيليون في المملكة ذات العشرة اسباط بمدينة بيت ايل، على الارجح بسبب ارتباطها بعبادة العجل. — ار ٤٨:٧، ١٣، ٤٦.
بص
«موآب»
لا يمكن الانكار ان النبوات المتعلقة بموآب تمَّت بدقة. فقد زال الموآبيون كشعب منذ قرون. (ار ٤٨:٤٢) والاماكن التي يُعتقد انها كانت مدنا موآبية، مثل نبو وحشبون وعروعير وبيت جامول وبعل معون، هي عبارة عن خرائب ليس إلا. كما ان هناك اماكن اخرى كثيرة غير معروفة اليوم.
٢٩ ايار (مايو)–٤ حزيران (يونيو)
كنوز من كلمة اللّٰه | ارميا ٤٩–٥٠
«يهوه يبارك المتواضعين ويعاقب المجترئين»
الاجتراء يؤدي الى الهوان
٢ الاجتراء صفة تنبع من القلب وتشكِّل خطرا على الجميع. (مزمور ١٩:١٣، عج) والشخص المجترئ يتجاوز حدوده بوقاحة دون ان يُجاز له ذلك. وغالبا ما يؤدي ذلك الى عاقبة وخيمة. فقد اسقط الاجتراء ملوكا وقلب امبراطوريات. (ارميا ٥٠:٢٩، ٣١، ٣٢، عج؛ دانيال ٥:٢٠، عج) حتى انه اوقع بعض خدام يهوه في الشرك وأدى بهم الى الخراب.
«قد فعل يهوه ما قصد»
١٥ تحدث ارميا كذلك عن نهاية بابل نفسها، مخبرا بدقة عن سقوطها المفاجئ قبل حوالي مئة سنة. فأنبأ ‹بجفاف› المياه التي كانت تزودها بالحماية وبأن جبابرتها لن يقاتلوا دفاعا عنها. (ار ٥٠:٣٨؛ ٥١:٣٠) وتحققت هاتان النبوتان بالتفصيل حين حوّل الماديون والفرس مياه نهر الفرات، عبروا قاع النهر، ثم دخلوا المدينة وأخذوا البابليين على حين غرة. كما تفوّه ارميا بنبوة مهمة اخرى قائلا ان هذه المدينة الجبارة ستصبح خربة ولن تُعمر ابدا. (ار ٥٠:٣٩؛ ٥١:٢٦) وفي الواقع، تؤكد بابل المهجورة حتى هذا اليوم ان النبوات الالهية دقيقة كل الدقة.
كتاب من اللّٰه
٢٠ لم يعِش اشعياء حتى يرى بابل غير مسكونة. لكنها صارت اخيرا «رُكاما»، مما اثبت صحة النبوة. (ارميا ٥١:٣٧، ترجمة تفسيرية ) وبحسب العالِم باللغة العبرانية جيروم (المولود في القرن الرابع بعد الميلاد)، كانت بابل في ايامه ارضا للصيد تجول فيها «الوحوش من كل نوع»، ولا تزال خربة حتى هذا اليوم. وأيّ ترميم لبابل، لتكون مَعلما سياحيا، قد يجذب الزائرين اليها، لكنَّ ‹نسل وذرية› بابل هلكا الى الابد، كما انبأ اشعياء. — اشعياء ١٤:٢٢.
البحث عن جواهر روحية
بص
«العمونيون»، العنوان الفرعي «خلال المملكة المنقسمة» ف ٣
من المحتمل ان العمونيين استوطنوا اراضي سبط جاد بعد ترحيل سكان مملكة اسرائيل الشمالية على يد تغلث فلاسر الثالث وأحد خلفائه (٢ مل ١٥:٢٩؛ ١٧:٦)، وتلك الاراضي هي التي كانوا قد حاربوا يفتاح من اجلها ولم ينجحوا. (قارن مز ٨٣:٤-٨.) لذلك يوبَّخ العمونيون في رسالة يهوه النبوية بواسطة ارميا على احتلالهم ميراث الجاديين، ويحذَّرون من الخراب الآتي على عمون وإلهها ملكام (ملكوم). (ار ٤٩:١-٥) حتى ان العمونيين ارسلوا فرق غزاة لمضايقة يهوذا في ايام الملك يهوياقيم، في السنوات الاخيرة لوجود مملكة يهوذا. — ٢ مل ٢٤:٢، ٣.
قد فعل يهوه ما قصد»
١٨ ثمة نبوة اخرى ايضا تمّت في القرن الاول للميلاد. فقد تنبأ اللّٰه بواسطة ارميا ان أدوم كانت احدى الامم التي ستشرب كأس الغزو البابلي. (ار ٢٥:١٥-١٧، ٢١؛ ٢٧:١-٧) غير ان النبوة لم تتوقف عند هذا الحد. فأدوم كانت ستصبح مثل سدوم وعمورة، اي ستُهجر الى الابد وتُمحى من الوجود. (ار ٤٩:٧-١٠، ١٧، ١٨) وهذا ما حصل بالضبط. ابحث اليوم عن الكلمتين «أدوم» و «الادوميون»، فهل تجدهما في الخرائط الحديثة؟ كلا، فليس لهما ذكر الا في الكتب التي تتمحور حول الكتاب المقدس والتاريخ القديم، او في الخرائط التي تصوّر تلك الحقبات. فالمؤرخ فلاڤيوس يوسيفوس يروي ان الادوميين أُجبروا على اعتناق الديانة اليهودية في القرن الثاني قبل الميلاد. ومع دمار اورشليم سنة ٧٠ بم، اختفوا كأمة لها كيان قومي.
يهوه يصنع لنفسه اسم مجد
٦ ولكن لماذا يهوه عائد من معركة في ادوم؟ الادوميون هم لزمن طويل اعداء شعب عهد اللّٰه، وقد استمرت هذه العداوة من ايام ابيهم عيسو. (تكوين ٢٥:٢٤-٣٤؛ عدد ٢٠:١٤-٢١) وتجلى مدى بغض ادوم ليهوذا خصوصا خلال تدمير اورشليم، حين اخذ الادوميون يهتفون هتاف التشجيع للجنود البابليين. (مزمور ١٣٧:٧) ويعتبر يهوه هذه العداوة إهانة شخصية له. فلا عجب انه قرر ضرب ادوم بسيف انتقامه. — اشعياء ٣٤:٥-١٥؛ ارميا ٤٩:٧-٢٢.