جِرِزِّيم، جبل
يُعرف جبل جرزيم اليوم باسم جبل الطور (هار جرزيم). ويقع هو وجبل عيبال، الواقع الى الشمال الشرقي منه، في قلب منطقة السامرة. ينتصب هذان الجبلان الواحد ازاء الآخر، ويتميزان بأنهما الاعلى في المنطقة، كما انهما يشرفان على طريق هامة تمتد في اتجاه شرقي-غربي. وبين الجبلين يمتد واد خصيب هو وادي شكيم حيث تقع نابلس العصرية. كانت شكيم، وهي مدينة كنعانية منيعة وهامة في فترة ما قبل دخول الاسرائيليين الى ارض الموعد، تقع عند الطرف الشرقي للوادي على مسافة ٥,١ كلم (ميل واحد) تقريبا جنوب شرق نابلس. وقد اكتسب جبلَا جرزيم وعيبال اهمية عسكرية وسياسية بسبب موقعهما الاستراتيجي، فيما اكتسبت المنطقة اهمية دينية. — الصورة في المجلد ١، ص X.
ترتفع قمة جبل جرزيم اكثر من ٨٥٠ م (٨٠٠,٢ قدم) فوق سطح البحر الابيض المتوسط. ومع ان هذا الجبل اقل ارتفاعا من جبل عيبال بـ ٦٠ م (٢٠٠ قدم) تقريبا، يمكن للمرء ان يرى منه منظرا رائعا للمنطقة حوله. فمن هناك تُرى قمة جبل حرمون المكللة بالثلوج الى الشمال، ووادي الاردن الخصيب الى الشرق، وجبال افرايم الى الجنوب، وسهل شارون والبحر الابيض المتوسط بمياهه الزرقاء الى الغرب.
خيَّم ابرام (ابراهيم) ذات مرة «قرب الاشجار الكبيرة في مورة» بين جبلي جرزيم وعيبال، وهناك وعده يهوه: «لنسلك اعطي هذه الارض». (تك ١٢:٦، ٧) كما خيَّم يعقوب في تلك المنطقة ايضا. — تك ٣٣:١٨.
بعيد احتلال مدينة عاي، اجتمعت اسباط اسرائيل عند جبلَي جرزيم وعيبال بتوجيه من يشوع، وذلك عملا بالارشادات التي اعطاها موسى. وهناك استمع الشعب الى قراءة للبركات التي سينعمون بها اذا اطاعوا يهوه واللعنات التي ستحل بهم اذا عصوه. وقفت اسباط شمعون ولاوي ويهوذا ويساكر ويوسف وبنيامين عند جبل جرزيم. وبقي اللاويون مع تابوت العهد في الوادي، فيما وقفت الاسباط الستة الاخرى عند جبل عيبال. (تث ١١:٢٩، ٣٠؛ ٢٧:١١-١٣؛ يش ٨:٢٨-٣٥) يبدو ان الاسباط الواقفة عند جبل جرزيم كانوا يجيبون عن البركات التي تُقرأ في اتجاههم، فيما كانت الاسباط الاخرى تجيب عن اللعنات التي تُقرأ في اتجاه جبل عيبال. ويرى البعض ان البركات كانت تُقرأ في اتجاه جبل جرزيم لأنه اكثر جمالا وخصوبة من جبل عيبال الصخري والاجرد بمعظمه، مع ان الكتاب المقدس لا يذكر اية معلومات حول هذه المسألة. فقد قُرئت الشريعة بصوت عالٍ «امام كل جماعة اسرائيل، مع النساء والصغار والغرباء السائرين في وسطهم». (يش ٨:٣٥) وكان بإمكان هذا الحشد الكبير ان يسمع الكلمات اينما كان موقعهم، عند هذا الجبل او ذاك. ويرجَّح ان الفضل يعود في ذلك، ولو جزئيا، الى الخصائص الممتازة التي تسمح بانتقال الصوت بشكل واضح في تلك المنطقة. — انظر «عِيبال، جبل».
في ايام قضاة اسرائيل، خاطب يوثام بن جدعون اهل شكيم فيما كان واقفا «على رأس جبل جرزيم». (قض ٩:٧) وحتى اليوم يوجد حيد عند منتصف الجبل تقريبا يدعى منبر يوثام، لكنه لا يتعدى كونه موقعا تقليديا.
الهيكل السامري: بُني على جبل جرزيم هيكل سامري منافس لهيكل اورشليم في القرن الرابع قم على ما يُظن، وقد دُمّر سنة ١٢٨ قم. وبحسب التقليد، كان يوحنا هيركانوس هو الذي دمره. (العاديات اليهودية، ١١:٣١٠، ٣١١، ٣٢٤ [٨:٢، ٤]؛ ١٣:٢٥٤-٢٥٦ [٩:١]؛ الحرب اليهودية، ١:٦٣ [٢:٦]) وحتى هذا اليوم يحتفل السامريون بأعياد مثل الفصح على جبل جرزيم، وتحديدا في المكان الذي يظنون انه موقع الهيكل القديم. ومن الواضح ان المرأة السامرية كانت تتحدث عن جبل جرزيم حين قالت ليسوع المسيح: «آباؤنا عبدوا في هذا الجبل، ولكن انتم تقولون ان في اورشليم المكان الذي ينبغي ان تكون فيه العبادة». — يو ٤:٥، ١٩، ٢٠.
اكتُشفت في نابلس قطع نقدية قديمة عليها صورة معبد لزفس كان قائما على الجهة الشمالية الشرقية لجبل جرزيم. وقد قُدِّر بحسب بعض الحسابات ان عدد درجات المعبد بلغ ٥٠٠,١. وفي القرن الخامس بم بُنيت كنيسة على قمة الجبل، كما بنى الامبراطور البيزنطي يوستينيانوس كنيسة اخرى هناك. ويُظن ان الخرائب الموجودة هناك تعود الى زمن يوستينيانوس.