مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ب٠٧ ١/‏٩ ص ٨-‏١٢
  • نجونا بعون يهوه من قبضة نظامَين مستبدَّين

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • نجونا بعون يهوه من قبضة نظامَين مستبدَّين
  • برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٧
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • حق الكتاب المقدس يدخل بيتنا
  • ‏«بنيّ،‏ هل تعرف ما تعنيه المعمودية؟‏»‏
  • بداية الاضطهاد
  • في معسكر الاعتقال
  • الى معسكر آخر
  • التحرر من معسكر الاعتقال
  • العودة الى البيت اخيرا!‏
  • ما الذي ساعدني على الاحتمال؟‏
  • يا له من فرح ان نجلس على مائدة يهوه!‏
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩١
  • لم ندعم حرب هتلر
    استيقظ!‏ ١٩٩٤
  • بعيدا عن الموطن،‏ وعدت ان اخدم اللّٰه
    استيقظ!‏ ١٩٩٢
  • المحافظة على الاستقامة في المانيا النازية
    استيقظ!‏ ١٩٩٣
المزيد
برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٧
ب٠٧ ١/‏٩ ص ٨-‏١٢

قصة حياة

نجونا بعون يهوه من قبضة نظامَين مستبدَّين

كما رواها هنريك دورنيك

وُلدت سنة ١٩٢٦ في كنف عائلة من الكاثوليك المخلصين في رودا شلونسكا،‏ بلدة فيها منجم قرب كاتوڤيتسي في جنوب بولندا.‏ وقد علّمنا والدانا انا وأخي الاكبر برنارت وأختَيَّ الصغريَيْن،‏ روجا وإديتا،‏ ان نصلّي ونحضر القداس ونحفظ سر التوبة المقدس.‏

حق الكتاب المقدس يدخل بيتنا

في احد ايام كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٣٧،‏ عندما كنت في العاشرة من العمر،‏ عاد ابي الى البيت وقلبه يكاد يطير فرحا.‏ فقد جلب معه كتابا كبيرا وسميكا حصل عليه من شهود يهوه.‏ وقال لنا:‏ «انظروا يا اولاد ماذا جلبت.‏ انها الاسفار المقدسة!‏».‏ وكانت المرة الاولى التي ارى فيها كتابا مقدسا.‏

لطالما كانت للكنيسة الكاثوليكية سلطة كبيرة في حياة الناس في رودا شلونسكا وجوارها.‏ فقد جمعت روابط متينة بين اصحاب المناجم ورجال الدين الذين تطلبوا الطاعة المطلقة من عمال المناجم وعائلاتهم.‏ فإن لم يحضر احد العمال القداس او رفض الاعتراف للكاهن،‏ كان يُعتبر كافرا ويُصرف من المنجم.‏ وسرعان ما واجه ابي هذا الخطر بسبب معاشرته لشهود يهوه.‏ لكن عندما زارنا الكاهن،‏ فضح ابي رياءه الديني امام الجميع،‏ فشعر الكاهن بالارتباك.‏ وتفاديا للمشاكل،‏ لم يسعَ الى صرف ابي من عمله.‏

بعدما شهدتُ هذه المواجهة مع الكاهن،‏ قوي عزمي على التعرُّف بالكتاب المقدس.‏ ومع الوقت،‏ نمت محبتي ليهوه وصارت لديّ علاقة شخصية به.‏ وبعد بضعة اشهر من مواجهة ابي مع الكاهن،‏ حضرنا ذكرى موت المسيح،‏ حيث عُرِّف عن ابي امام ٣٠ شخصا تقريبا بعبارة «يونادابي».‏ وقد تعلّمت بعيد ذلك ان «اليونادابيين» هم مسيحيون رجاؤهم ارضي وأن اعدادهم سوف تزداد.‏a —‏ ٢ ملوك ١٠:‏١٥-‏١٧‏.‏

‏«بنيّ،‏ هل تعرف ما تعنيه المعمودية؟‏»‏

بعد ان قبل ابي الحق،‏ توقف عن شرب الكحول وصار زوجا صالحا وأبا مثاليا.‏ رغم ذلك لم تشاركه امي معتقداته الدينية،‏ وكانت تقول انها تفضل ان يبقى كاثوليكيا حتى لو عنى ذلك ان يعود الى ما كان عليه سابقا.‏ لكن بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية،‏ لاحظت امي ان رجال الدين الذين صلّوا قبلا لنصر بولندا على الجيوش الالمانية الغازية،‏ صاروا يقدّمون صلوات الشكر على انتصارات هتلر.‏ لذلك انضمت سنة ١٩٤١ الى باقي العائلة في خدمة يهوه.‏

كنت قبل ذلك قد عبّرت عن رغبتي ان ارمز الى انتذاري للّٰه بمعمودية الماء.‏ غير ان شيوخ الجماعة قالوا انني اصغر من ان اعتمد،‏ لذا عليّ الانتظار.‏ لكن في ١٠ كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٤٠ قام كونرات ڠرابوڤي (‏اخ مات امينا في وقت لاحق في احد معسكرات الاعتقال)‏ بمقابلتي في شقة صغيرة دون لفت نظر السلطات.‏ فسألني خمسة اسئلة وعمَّدني بعد ان اقتنع بأجوبتي.‏ وكان احد اسئلته:‏ «بنيّ،‏ هل تعرف ما تعنيه المعمودية؟‏».‏ وسألني ايضا:‏ «هل تدرك انه بسبب هذه الحرب ستُضطرّ عمّا قريب الى الاختيار بين الولاء لهتلر والولاء ليهوه،‏ وأن قرارك قد يكلفك حياتك؟‏».‏ فكان جوابي دون تردد:‏ «نعم،‏ ادرك ذلك».‏

بداية الاضطهاد

لماذا طرح عليّ الاخ ڠرابوڤي اسئلة محدَّدة؟‏ كان الجيش الالماني قد اجتاح بولندا سنة ١٩٣٩.‏ وبعد ذلك تعرّض ايماننا واستقامتنا لامتحانات قاسية.‏ وكانت الاوضاع تتأزم من يوم الى يوم،‏ إذ كنا نسمع عن اعتقال اخوتنا وأخواتنا المسيحيين او ترحيلهم او ارسالهم الى السجون ومعسكرات الاعتقال.‏ وسرعان ما اتى دورنا لمواجهة امتحانات كهذه.‏

لقد اراد النازيون جعل الجيل الطالع،‏ بمَن فيهم نحن الاولاد الاربعة،‏ أنصارا للرايخ الثالث.‏ وبما ان ابي وأمي رفضا عدة مرات توقيع ما دُعي فولكليست (‏وهي لائحة بحاملي الجنسية الالمانية او طالبيها)‏،‏ فقد حُرما الوصاية على اولادهما.‏ فأُرسل ابي الى معسكر اوشڤيتس للاعتقال.‏ وفي شباط (‏فبراير)‏ ١٩٤٤ وُضعنا انا وأخي في إصلاحية في ڠرودكوڤ قرب مدينة نيسا،‏ وأُرسلت اختانا الى دير كاثوليكي في تشارنوڤونڠسيه،‏ قرب مدينة أوپولا.‏ وكان الهدف من ذلك جعلنا نتخلى عمّا دعته السلطات «آراء والدَينا المضللة».‏ وتُركت امي وحدها في البيت.‏

كل يوم كانت راية الصليب المعقوف تُرفع في باحة الاصلاحية ونؤمر ان نرفع يدنا اليمنى تحية للعلم ونقول:‏ «هايل هتلر».‏ وكان ذلك امتحانا قاسيا لإيماننا.‏ لكنّنا بقينا انا وبرنارت ثابتَين في رفضنا المسايرة.‏ ولذلك كنا نُضرب بوحشية عقابا على سلوكنا «العديم الاحترام».‏ كما فشلت كل الجهود الاخرى لتحطيم معنوياتنا.‏ وفي النهاية عمد حراس وحدات الحماية الى وضعنا امام خيارَين:‏ «إمّا ان توقِّعا إعلان ولائكما للدولة الالمانية وتنضما الى الجيش الالماني،‏ او تُرسلا الى احد معسكرات الاعتقال».‏

في آب (‏اغسطس)‏ سنة ١٩٤٤،‏ رفع المسؤولون توصية رسمية تقضي بإرسالنا الى معسكر للاعتقال.‏ وقد جاء فيها:‏ «يستحيل اقناعهما بالقيام بأي شيء.‏ فهما يفرحان بالعذاب الاليم الذي يقاسيانه بسبب ايمانهما.‏ ويشكل تمردهما تهديدا لخير كامل الاصلاحية».‏ ومع انني لم ارغب في ان اقاسي العذاب بسبب ضميري،‏ فإن التألم بشجاعة وكرامة في سبيل المحافظة على ولائي ليهوه جلب لي فرحا عظيما.‏ (‏اعمال ٥:‏٤١‏)‏ وما كنت لأنجح بقوّتي الخاصة في احتمال العذاب الذي واجهته لاحقا.‏ وقد قرّبتني صلواتي الحارة اكثر من يهوه،‏ فكان خير معين لي.‏ —‏ عبرانيين ١٣:‏٦‏.‏

في معسكر الاعتقال

بُعيد ذلك،‏ أُخذت الى معسكر ڠروس-‏روزِن للاعتقال في سيليزيا.‏ وأُعطيت رقما كسجين ومثلَّثا ارجوانيا يُظهر انني من شهود يهوه.‏ وقدّم لي حراس وحدات الحماية عرضا مغريا.‏ فقد كان بإمكاني ان احصل على حريتي،‏ حتى ان اصير ضابطا في الجيش النازي،‏ بشرط واحد:‏ «عليكَ ان تنكر افكار تلاميذ الكتاب المقدس المناهضة للرايخ الثالث».‏ لم يحصل السجناء الآخرون على عرض كهذا.‏ وحدهم شهود يهوه عُرض عليهم ان يُطلق سراحهم من المعسكرات.‏ رغم ذلك،‏ رفضت بثبات هذا «الامتياز»،‏ مثلما فعل آلاف الشهود الآخرين.‏ فكان ردّ الحراس:‏ «انظر جيدا الى مدخنة محرقة الجثث.‏ فإن لم تُعِد النظر في المسألة،‏ فستكون هذه المدخنة سبيلك الوحيد للخروج من هنا».‏ فرفضت من جديد رفضا قاطعا.‏ وفي تلك اللحظة،‏ شعرت بأن «سلام اللّٰه الذي يفوق كل فكر» يملأ قلبي.‏ —‏ فيلبي ٤:‏٦،‏ ٧‏.‏

صلّيت ان اتمكن من العثور على بعض الرفقاء الشهود في المعسكر،‏ فاستجاب يهوه صلاتي.‏ وكان بين المسيحيين الذين التقيتهم اخ امين اسمه ڠوستاف باوْمرت،‏ وقد اعتنى بي عناية رقيقة وحبية.‏ ومما لا شك فيه ان يهوه كان بالنسبة اليّ ‹ابا المراحم الرقيقة وإله كل تعزية›.‏ —‏ ٢ كورنثوس ١:‏٣‏.‏

بعد اشهر قليلة،‏ اضطرّ النازيون الى إخلاء المعسكر على عجل بسبب تقدم الجيوش الروسية.‏ وفيما كان الجميع يستعدون للرحيل،‏ قررنا نحن الاخوة المخاطرة بحياتنا والتسلل الى جناح النساء لتفقد نحو ٢٠ من اخواتنا الروحيات،‏ بينهن إلزا آبت وڠيرتْرُوت أُتْ.‏b وعندما رأيننا،‏ ركضن بسرعة للقائنا.‏ فتبادلنا التشجيع بسرعة ثم بدأت الاخوات بإنشاد الترنيمة التي تقول:‏ «كُلُّ أَمِينٍ كُلُّ وَلِيٍّ يَطْرَحُ خَشْيَتَهُ».‏c وغنيّ عن القول اننا ذرفنا جميعا دموعا غزيرة.‏

الى معسكر آخر

اقحم النازيون بين ١٠٠ و ١٥٠ سجينا في عربات قطار مقفلة مخصصة لنقل الفحم،‏ ولم يزوِّدونا بالماء والطعام.‏ وقد سار القطار بنا عبر الصقيع والمطر المتجمد.‏ فعانينا الامرَّين بسبب العطش والحمى.‏ وفيما راح السجناء المرضى والمتعبون يسقطون ارضا ويموتون،‏ اخذت العربات تفرغ.‏ وقد تورَّمت رجلاي ومفاصلي كثيرا فبتُّ عاجزا عن الوقوف.‏ وبعد ١٠ ايام،‏ وصل عدد قليل من السجناء الذين نجوا من هذه الرحلة الى معسكر مِتلباو-‏دورا الجزائي الواقع في نوردهاوزن قرب مدينة ڤايمار في ثورنجيا.‏ ومن الجدير بالذكر ان احدا من الاخوة لم يمُت خلال تلك الرحلة المريعة.‏

لم اكَد اتعافى من الرحلة حتى انتشر وباء الزُّحار في المعسكر،‏ فمرضت انا وعدد من الاخوة.‏ وقيل لنا ان نمتنع عن تناول الحساء المقدَّم في المعسكر فترة من الوقت ونكتفي بتناول الخبز المحمَّص.‏ وهذا ما فعلته فتعافَيت بسرعة.‏ وفي آذار (‏مارس)‏ ١٩٤٥،‏ سمعنا ان الآية السنوية مأخوذة من متى ٢٨:‏١٩‏:‏ «اذهبوا وتلمذوا اناسا من جميع الامم».‏ فشعرنا ان بوابات المعسكرات ستُفتح عمّا قريب وستستمر الكرازة بالبشارة.‏ وقد ملأَنا ذلك فرحا ورجاء،‏ بعد ان كنا نظن ان الحرب العالمية الثانية ستبلغ ذروتها في هرمجدون.‏ فكم قوّانا يهوه خلال تلك الاوقات العصيبة!‏

التحرر من معسكر الاعتقال

في ١ نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٤٥ قصفت القوات الحليفة معسكرنا وثكنة وحدات الحماية المجاورة له.‏ ونتيجة لذلك قُتل وجرح كثيرون.‏ وفي اليوم التالي،‏ تعرَّضنا لقصف مركَّز سقطت خلاله قنبلة قوية قذفت بي في الهواء.‏

وعلى الاثر،‏ هبّ الى نجدتي اخ يُدعى فريتز اولريخ.‏ فبدأ يرفع الركام آملا ان اكون على قيد الحياة،‏ وعندما وجدني جرّني بعيدا.‏ وحين استعدت وعيي،‏ ادركت انني أُصبت بجراح بالغة في وجهي وجسمي وأنني عاجز عن السماع.‏ فقد تضررت طبلتا اذنيَّ نتيجة دوي الانفجار.‏ وطوال فترة،‏ عانيت مشاكل خطيرة في اذنيَّ قبل ان تشفيا تماما.‏

وبين آلاف السجناء في المعسكر لم ينجُ سوى قليلين من هذا القصف.‏ ومات ايضا عدد من اخوتنا،‏ بمَن فيهم ڠوستاف باوْمرت العزيز على قلبي.‏ وقد تسبَّبت جراحي بالتهاب رافقته حمى قوية.‏ لكن سرعان ما اكتشفَنا جنود الحلفاء وحرَّرونا.‏ غير ان جثث الموتى المتحللة كانت في غضون ذلك قد سببت تفشي وباء التيفوس في المعسكر.‏ فأُصبت به انا ايضا ونُقلت مع باقي المصابين الى المستشفى.‏ ورغم جهود الاطباء الحثيثة لم ينجُ سوى اثنين غيري.‏ وكم انا شاكر ليهوه الذي قوّاني لكي احافظ على امانتي خلال تلك الاوقات الصعبة!‏ كما انني مسرور لأنه رأى من الملائم ان يُبقي على حياتي وينجيني من «وادي القتام الدامس».‏ —‏ مزمور ٢٣:‏٤‏.‏

العودة الى البيت اخيرا!‏

بعد استسلام المانيا،‏ رجوت ان اتمكن من العودة الى الديار في اقرب فرصة.‏ لكنّ ذلك لم يكن بالسهولة التي توقعتها.‏ فقد رآني عدد من السجناء السابقين الذين كانوا ينتمون الى الحركة الكاثوليكية.‏ فصرخوا:‏ «اقتلوه»،‏ وطرحوني ارضا وراحوا يدوسون عليّ.‏ لكنّ احد المارة نجّاني من وحشيتهم.‏ وقد لزمني وقت طويل لأتعافى،‏ ذلك انني كنت لا ازال مصابا بجروح وواهنا بسبب التيفوس.‏ لكن في النهاية تمكنت من الرجوع الى البيت.‏ وكم سررت بالعودة مجددا الى كنف عائلتي!‏ وقد فرحوا جميعا برؤيتي ثانية اذ كانوا يظنون اني متّ.‏

سرعان ما عاودنا عمل الكرازة،‏ فتجاوب كثيرون من الباحثين عن الحق.‏ وقد أُوكلت إليّ مهمة تزويد الجماعات بمطبوعات الكتاب المقدس.‏ فحظينا انا وبعض الاخوة بامتياز ان نلتقي في ڤايمار ممثلين عن مكتب فرع المانيا،‏ ونجلب معنا الى بولندا اولى اعداد برج المراقبة الصادرة بعد الحرب.‏ وقد تُرجمت هذه الاعداد فورا،‏ وأُعدّ الستناسِل ثم طُبعت المجلات بالبولندية.‏ وعندما ابتدأ مكتبنا في لودز بالاشراف على العمل في بولندا،‏ صارت الجماعات تتسلم بانتظام المطبوعات المؤسسة على الكتاب المقدس.‏ كما ابتدأتُ انا بالخدمة كفاتح خصوصي،‏ اي مبشِّر كامل الوقت.‏ فكرزت في منطقة سيليزيا الواسعة التي صارت آنذاك بمعظمها جزءا من بولندا.‏

لكن لم يمضِ وقت طويل حتى بدأ شهود يهوه يعانون الاضطهاد من جديد،‏ وهذه المرة على يد النظام الشيوعي الحديث العهد في بولندا.‏ وبسبب حيادي المسيحي،‏ حُكم عليّ سنة ١٩٤٨ بسنتين من السجن.‏ وهناك تمكّنت من مساعدة عدد من السجناء الآخرين على الاقتراب الى اللّٰه.‏ وقد اتخذ احدهم لاحقا موقفه الى جانب الحق وانتذر ليهوه واعتمد.‏

سنة ١٩٥٢ أُرسلت من جديد الى السجن،‏ وهذه المرة بتهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة!‏ وفيما انتظرت محاكمتي،‏ بقيت في السجن الانفرادي وكنت أُستجوَب نهارا وليلا.‏ لكنّ يهوه نجّاني مرة اخرى من ايدي مضطهِديَّ ولم أعانِ بعد ذلك مثل هذه الاساءات.‏

ما الذي ساعدني على الاحتمال؟‏

هنالك بعض الامور المهمة التي كانت مصدر تشجيع لي خلال كل تلك السنوات التي قاسيت فيها المحن والتجارب.‏ ففي المقام الاول،‏ نلت القدرة على الاحتمال من يهوه وكلمته الكتاب المقدس.‏ فبفضل التضرعات الحارة الى «إله كل تعزية» ودرس كلمته يوميا،‏ تمكنت انا وغيري من الاخوة ان نبقى احياء روحيا.‏ كما نلنا التغذية الروحية التي كنا بحاجة ماسة اليها من خلال اعداد برج المراقبة المنسوخة يدويا.‏ واستمددت قوة كبيرة من الرفقاء المؤمنين في معسكرات الاعتقال الذين اظهروا كل رغبة واستعداد للمساعدة.‏

وكانت زوجتي ماريا بركة اخرى من يهوه.‏ فقد تزوجنا في تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ سنة ١٩٥٠،‏ ورُزقنا لاحقا بابنة سمَّيناها هالينا.‏ فكبرت وصارت تحب يهوه وتخدمه.‏ وطوال ٣٥ سنة،‏ بقينا معا انا وماريا قبل ان تموت بعد صراع مرير مع المرض.‏ ورغم انني حزنت وتألمت كثيرا بعد موتها وأحسست انني ‹مطروح› لفترة من الوقت،‏ لم اشعر قط انني ‹هالك›.‏ (‏٢ كورنثوس ٤:‏٩‏)‏ ففي تلك الفترة الصعبة،‏ شعرت بدعم ابنتي العزيزة وزوجها وأحفادي الذين يخدمون جميعا يهوه اللّٰه بكل امانة.‏

منذ سنة ١٩٩٠ اخدم في مكتب الفرع في بولندا.‏ ومعاشرة عائلة بيت ايل الرائعة يوميا هي بركة كبيرة.‏ وفي بعض الاحيان،‏ اشعر بسبب تدهور صحتي انني مثل نسر جريح عاجز عن الطيران يعتمد على التيارات الهوائية لتحمله.‏ لكنني اتطلع بثقة الى المستقبل ولا ازال الى اليوم ‹ارنم ليهوه لأنه كافأني›.‏ (‏مزمور ١٣:‏٦‏)‏ وأنا انتظر الوقت حين يبطِل معيني يهوه كل السوء الذي نجم عن حكم الشيطان الظالم.‏

‏[الحواشي]‏

a انظر برج المراقبة عدد ١ كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٩٨،‏ الصفحة ١٣،‏ الفقرة ٦‏.‏

b انظر قصة حياة إلزا آبت في برج المراقبة عدد ١٥ نيسان ١٩٨٠،‏ الصفحات ١٢-‏١٥ (‏بالانكليزية)‏.‏

c كان رقم هذه الترنيمة ١٠١ في كتاب الترانيم الصادر سنة ١٩٢٨ بعنوان ترانيم تسبيح ليهوه،‏ اصدار شهود يهوه.‏ اما في كتاب الترانيم الحالي فهي الترنيمة رقم ٥٦.‏

‏[الصورة في الصفحة ١٠]‏

أُعطيت هذا الرقم والمثلَّث الارجواني في معسكر الاعتقال

‏[الصورة في الصفحة ١٢]‏

مع زوجتي ماريا سنة ١٩٨٠

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة